-A +A
منصور الطبيقي
تكاد لا تخلو المجالس من قصص وطرائف وعجائب ما يسمى زواج المسيار، وحاولت عبثا أن أجد إحصائية رسمية أو كتبا أو مقالات موثقة تتناول هذه الظاهرة لكن دون فائدة، حتى بدأت أشك أن هذا الزواج صار شائعا وأصبح من بين المسلمات، وأن النقاش فيه قد تجاوز منذ زمن جزئية هل هو حلال أم حرام وهل تستمر هذه الزيجة أم تنتهي بالطلاق.
ولسهولة الحصول على زوجة مسيار صرت حتى أشك في كل من أقابل وأسأل نفسي مرارا: هل يا ترى هو متزوج من زوجة مسيار!، هل هو سعيد!، كيف يستطيع إخفاء الأمر على زوجته الأولى!، ماذا يا ترى سيحدث له إن انفضح أمره!

لا أريد أن أخيف معشر الزوجات، كما لا أريد أن أثير مشكلات زوجية، ولكنني أريد أن أحكي قصة رجل ساقني له القدر لأتحدث معه في مقهى عن تجربته مع زواج المسيار، هو شاب سعودي في منتصف العمر متزوج وله ثلاثة أطفال، يعمل في وظيفة ذات عائد مالي جيد، زوجته معلمة وعلى قدر من الجمال الذي وهبه الله لكل النساء بنسب متفاوته، سمع عن خاطبة من جنسية عربية تقوم بالوساطة في زواج المسيار، طلب أن تكون هذه الزوجة فائقة الجمال، والمواصفات التي طلبها حسب الخاطبة لا تتوفر في النساء السعوديات بعد أن عرضت عليه صور بعضهن، وتتوفر فقط في بعض الأجنبيات أو من بعض الجنسيات العربية، ثم أخرجت له صورة امرأة عربية جميلة، مطلقة ولديها طفل، اشترطت أن تأخذ ثلاثة آلاف ريال حتى تكلم المرأة وخمسة الآف ريال بعد انتهاء «الصفقة»، وافق الرجل فورا دون السؤال عنها، ودفع قيمة الدلالة وثلاثين ألف ريال للزوجة بالكامل، وبعد أن قضى الليلة الأولى في الفندق الخمسة النجوم أصبح يتحسس فراشه فلم يجدها نائمة بجواره، وعبثا حاول البحث عنها، فالعقد تم بمعرفة مأذون من طرف الخاطبة، ولا يعرف أن وليها هو بالفعل أبوها والشاهدين هما بالفعل أخواها!!
هل هناك بالفعل سوق رائجة للمسيار؟، وهل تستغل فئة من ضعاف النفوس احتياجات البعض العاطفية من الجنسين وازدياد أعداد المطلقات والأرامل من بعض الدول العربية للتربح منه؟، وما هو مصير هذه الزيجات التي تتم في الخفاء في حالة الحصول على أطفال؟، هل درس مجمع الفقه الإسلامي والسادة العلماء الذين أباحوه مآلات هذا الزواج وأثره على تفكك الأسر وازدياد حالات الطلاق في الزيجات المستقرة؟، وما هو الفرق بينه وبين زواج المتعة هل الأخير فقط محدد بفترة زمنية معينة!؟ ثم هل يتوفر الاستقرار النفسي والسكن العاطفي في زواج المسيار؟
هناك معلومات شحيحة عن نجاحات أو فشل مثل هذه الزيجات، ولكن ــ في المقابل ــ أعتقد أن هناك احتياجا إنسانيا ومبررا لها في بعض الحالات كتقدم العمر بالنسبة للطرفين، ووجود خصومات بسبب الطلاق والتهديد بالحرمان من حضانة الأطفال في حالة زواج المرأة، وفي حالة عمل المرأة في بعض الوظائف.
ولكن يجب أن تكون في إطار شرعي وقانوني يحفظ الحقوق للطرفين، ودون استغلال هذه الظروف من قبل المتنفعين، ولا مانع أن تكون من أولويات وزارة الشؤون الاجتماعية في الفترة القادمة لدراسة هذه الظاهرة ومدى انتشارها وأسبابها ووضع حلول منطقية للتعامل معها.